تتجه المملكة العربية السعودية بخطوات ثابتة نحو تحقيق أهدافها الطموحة في التحول إلى الطاقة البديلة، حيث كشفت وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن تلقي أكثر من 300 طلب من منشآت صناعية للانضمام إلى برنامج حكومي يهدف إلى التحول من استخدام الوقود السائل إلى مصادر الطاقة البديلة، مثل الكهرباء والغاز والطاقة المتجددة. هذه الخطوة تعكس رؤية المملكة لتعزيز الاستدامة وخفض الانبعاثات الكربونية، بما يتماشى مع مستهدفاتها للوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060.
برنامج تنافسية القطاع الصناعي
يأتي هذا التحول ضمن إطار “برنامج تنافسية القطاع الصناعي”، الذي تم إطلاقه في مطلع عام 2024. البرنامج يعد مبادرة متكاملة صممت بالتعاون بين أكثر من سبع جهات حكومية وخبراء من القطاع الخاص. يهدف البرنامج إلى تقديم حلول مالية وتشغيلية تدعم المنشآت الصناعية في خفض تكاليف الإنتاج ومواجهة تحديات تعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه.
من أبرز ما يقدمه البرنامج:
- دعم مالي يفوق 15 مليار ريال من خلال قروض مباشرة ومبادرات تمويلية لتحسين الكفاءة التشغيلية.
- دعم إضافي بقيمة 3 مليارات ريال مخصص للمنتجات الموفرة للطاقة، مثل الأجزاء الديناميكية الهوائية للشاحنات.
- تقديم خدمات تدريبية مجانية، حيث أكمل 150 موظفاً من المنشآت المشاركة دورات “محترف طاقة معتمد”.
نتائج مشجعة ووفورات ملحوظة
بحسب تصريحات الوزارة، فإن الشركات المشاركة في البرنامج سجلت انخفاضاً في التكلفة المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار الطاقة بنسبة تصل إلى 12%. كما حققت وفورات في استهلاك الطاقة راوحت بين 25% و30%، مما يعزز الكفاءة التشغيلية واستدامة الأداء الصناعي.
شروط المشاركة ومتطلبات التحول
يشترط للتقديم على البرنامج توفير القوائم المالية، تقرير سمة الائتماني، فواتير الطاقة، وتخصيص الطاقة من وزارة الطاقة. بناءً على هذه المتطلبات، يقوم البرنامج بإعداد حزمة حلول مخصصة لكل منشأة بما يتناسب مع التحديات التي تواجهها.
كما يسعى البرنامج إلى دراسة أنماط استهلاك الطاقة في المنشآت الصغيرة لتوسيع قاعدة الدعم، ويشمل ذلك استبدال المعدات منخفضة الكفاءة بأخرى ذات كفاءة عالية.
رؤية المملكة في مواجهة التحولات العالمية
تعد مبادرة “برنامج القدرة التنافسية لإصلاح أسعار الطاقة” جزءاً من الجهود السعودية لتعزيز قدرة القطاعات الاقتصادية الحيوية، مثل الصناعة والزراعة والخدمات اللوجستية، على مواجهة التحولات الكبيرة في مشهد الطاقة العالمي. تسعى المملكة من خلال هذه البرامج إلى تمكين الصناعات المحلية من استخدام تقنيات موفرة للطاقة ذات كفاءة عالية، مما يدعم التوجه نحو الاستدامة البيئية والنمو الاقتصادي المتوازن.
التحول إلى نموذج تشغيلي مستدام
البرنامج لا يقتصر فقط على تقديم الدعم المالي، بل يشمل أيضاً توقيع اتفاقيات مباشرة مع المنشآت الصناعية لتطوير البنية التحتية اللازمة للتحول إلى نموذج تشغيلي مستدام. ويأتي ذلك ضمن خطة تنفيذية شاملة تعمل على خفض الانبعاثات الكربونية، وتحسين جودة وكفاءة مصادر الطاقة المستخدمة في المصانع.
