تشهد الأسواق المالية اللبنانية تطورًا ملحوظًا في الأيام الأخيرة، حيث سجلت سندات الحكومة اللبنانية المقومة باليورو ارتفاعًا حادًا، مدفوعة بتوقعات المستثمرين بانتخاب قائد الجيش، جوزيف عون، رئيسًا للبلاد. يتمتع عون بدعم واضح من الولايات المتحدة، مما يُعزز من التفاؤل بشأن استقرار سياسي قد ينعكس إيجابًا على الاقتصاد اللبناني المتعثر.
تحسن ملحوظ في أداء السندات
تأتي هذه المكاسب في سياق ارتفاع بنسبة 5.6% في أول يومي تداول من العام الجديد، وهو الأداء الأفضل بين الأسواق الناشئة. كما سجلت السندات عائدات سنوية بلغت 114% خلال عام 2024، مما جعلها الأعلى أداءً في فئتها. هذه الأرقام تعكس اهتمام المستثمرين المتزايد بإمكانية تحقيق استقرار سياسي، بعد سنوات من الجمود والأزمات الاقتصادية.
الأزمة الاقتصادية والسياسية في لبنان
منذ مارس 2020، تخلفت لبنان عن سداد ديون سيادية بقيمة 30 مليار دولار من سندات اليوروبوند، مما أدخل البلاد في أزمة مالية حادة. بالإضافة إلى ذلك، عانى لبنان من فراغ سياسي منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في عام 2022. وقد فشلت عدة محاولات لانتخاب رئيس جديد، مما أدى إلى تعميق الأزمة الاقتصادية وزيادة التوترات الاجتماعية.
انتخابات حاسمة
من المقرر أن تُجرى الانتخابات الرئاسية يوم الخميس، حيث يسعى النواب لاختيار قائد الجيش جوزيف عون من بين منافسين آخرين، أبرزهم جهاد أزعور، مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط ووزير المالية السابق. يتطلب الفوز في الانتخابات الحصول على دعم ثلثي أعضاء البرلمان، وهي مهمة ليست بالسهلة نظرًا للتباينات السياسية بين الكتل النيابية.
انعكاسات الصراع الإقليمي
تأتي هذه التطورات في ظل تأثيرات الصراع الأخير بين إسرائيل وحزب الله، الذي تكبد خسائر كبيرة خلال شهرين من القصف الإسرائيلي. كما فقد الحزب، المدعوم من إيران، زعيمه حسن نصر الله وعددًا من قادته البارزين. هذه الخسائر قد تكون عاملاً مساعدًا على تخفيف الانقسامات الداخلية، وفتح المجال لانتخاب رئيس جديد قادر على قيادة البلاد نحو الإصلاح.
أهمية انتخاب الرئيس
يُنظر إلى انتخاب رئيس جديد كخطوة حاسمة في جهود إعادة الإعمار وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. ويأمل اللبنانيون أن يُسهم هذا الاستحقاق في وضع حد للأزمة السياسية التي فاقمت الوضع المالي والاجتماعي، ودفعت البلاد إلى واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها الحديث.
التفاؤل الحذر
على الرغم من المكاسب التي حققتها السندات، إلا أن التفاؤل يظل حذرًا، حيث لا تزال التحديات كبيرة. يتطلب الخروج من الأزمة تنفيذ إصلاحات جذرية في النظام المالي والإداري، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد. كما أن نجاح الحكومة الجديدة في التفاوض مع الدائنين الدوليين وصندوق النقد الدولي سيكون عاملًا حاسمًا في تحديد مستقبل البلاد الاقتصادي.