تواجه سوريا أزمة كهرباء خانقة، حيث يعاني قطاع الكهرباء من عجز يصل إلى 80% من احتياجاته الفعلية، وهو ما يشكل تحدياً كبيراً أمام جهود إعادة الإعمار اللازمة لإنعاش الاقتصاد السوري بعد أكثر من عقد من الصراع. إن الأضرار التي لحقت بمحطات توليد الكهرباء والبنية التحتية المرتبطة بها أدت إلى خروج العديد من المحطات عن الخدمة، مما تسبب في تدني القدرة الإنتاجية إلى مستويات غير مسبوقة.
محطات توليد الكهرباء: أضرار جسيمة وعجز هائل
تضم سوريا 12 محطة توليد كهرباء، تعرض عدد كبير منها لأضرار جسيمة نتيجة سنوات الحرب. وعلى الرغم من أن القدرة الإنتاجية النظرية للمحطات تبلغ حوالي 4000 ميغاواط في حال توفر الوقود اللازم، فإن المولدات تعمل حالياً بطاقة لا تتجاوز 1300 ميغاواط فقط، في حين أن البلاد تحتاج إلى 6500 ميغاواط لتلبية الطلب الفعلي.
صرح وزير الكهرباء السوري، عمر شقروق، لوكالة الأنباء السورية (سانا) بأن الوزارة تواجه صعوبات كبيرة في تأمين قطع الغيار اللازمة لإصلاح المحطات وصيانتها، بالإضافة إلى العقبات المتعلقة بتوفير النقد الأجنبي وغياب التمويل اللازم لتغطية نفقات الاستبدال والصيانة.
أزمة خطوط النقل والمحطات التحويلية
تتجاوز الأزمة الحالية حدود محطات التوليد لتشمل أيضاً شبكات النقل ومحطات التحويل، حيث دُمرت أجزاء كبيرة منها بالكامل، فيما يعاني قسم آخر من الحاجة الماسة للصيانة. وأكد المسؤولون السوريون أن إعادة تأهيل هذه البنية التحتية المتضررة تعد أولوية قصوى في المرحلة الراهنة، مع استهداف زيادة إنتاج الوقود والكهرباء لتقليل ساعات انقطاع التيار الكهربائي.
خطط الوزارة وإجراءات قصيرة وطويلة الأمد
تسعى وزارة الكهرباء في المدى القصير إلى زيادة معدلات التوليد بواقع 4000 ميغاواط، بهدف تحسين التغذية الكهربائية لتصل إلى 8-10 ساعات يومياً. أما على المدى الطويل، فتستهدف الوزارة توفير الكهرباء على مدار الساعة، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة وتعاوناً دولياً لتجاوز التحديات الحالية.
تكلفة إعادة الإعمار: أرقام ضخمة تفوق الناتج المحلي
تشير تقارير البنك الدولي والأمم المتحدة إلى أن تكلفة إعادة إعمار سوريا قد تصل إلى 300 مليار دولار، وهو رقم يتجاوز بكثير الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، الذي تقلص من 60 مليار دولار في عام 2010 إلى أقل من 6 مليارات دولار في عام 2024. هذه الفجوة الكبيرة تعكس حجم التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، والتي تتطلب استراتيجيات شاملة لإعادة بناء القطاعات الحيوية، وعلى رأسها قطاع الكهرباء.
حلول مؤقتة: استيراد الكهرباء من الخارج
وفي محاولة لتخفيف الأزمة، أعلنت وزارة الكهرباء عن وصول سفينتين لتوليد الكهرباء قادمتين من تركيا وقطر، لتزويد البلاد بـ 800 ميغاواط، وهو ما يعادل تقريباً نصف ما يتم توليده حالياً داخل سوريا. ورغم أن هذه الخطوة قد توفر حلاً مؤقتاً، إلا أن الاعتماد على الواردات ليس بديلاً مستداماً على المدى الطويل.