في ظل التطور السريع الذي يشهده مجال الذكاء الاصطناعي، تعيش شركات البرمجيات العالمية فترة من التوتر والقلق بشأن مستقبل أعمالها. فقد شهدت الأسواق مؤخراً موجة بيع كبيرة بأسهم شركات البرمجيات نتيجة تصاعد المخاوف من تأثير الذكاء الاصطناعي على نماذج أعمالها التقليدية.
التراجعات الكبرى في الأسهم
شهدت أسهم بعض الشركات الرائدة في القطاع تراجعات حادة، أبرزها شركة “مونداي دوت كوم” (.Monday.com Ltd) التي هبطت أسهمها بنسبة 30%، مما أثار قلق المستثمرين في أوروبا والولايات المتحدة. وعلى صعيد آخر، تراجعت أسهم شركة “ساب” (SAP SE)، أكبر شركة برمجيات أوروبية، بنسبة 7.1%، وهو ما أدى إلى خسائر سوقية بلغت حوالي 22 مليار يورو (26 مليار دولار) خلال جلسة واحدة.
كما امتد التأثير السلبي إلى شركات أخرى مثل “سيج جروب” (Sage Group Plc) و”داسو سيستيم” (Dassault Systemes SE)، بالإضافة إلى التراجع المستمر في أسهم شركات أمريكية كبرى مثل “سيلزفورس” (.Salesforce Inc) و”ووركداي” (.Workday Inc).
الذكاء الاصطناعي: تهديد أم فرصة؟
هناك قلق متزايد من أن أدوات الذكاء الاصطناعي قد تغير قواعد اللعبة في صناعة البرمجيات. فهذه الأدوات تتيح تطوير التطبيقات بتكلفة أقل وبسرعة أكبر، مما يهدد الشركات التي تعتمد على نماذج تقليدية. وكما أشار سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، فإن القطاع قد يدخل قريباً “عصر الموضة السريعة”، حيث تصبح البرمجيات أرخص وأسرع إنتاجاً.
ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن المخاوف مبالغ فيها. فقد صرح المحلل برنت ثيل من شركة “جيفريز” قائلاً: “المستثمرون يخشون أن يلتهم الذكاء الاصطناعي البرمجيات، لكن هذا الخوف يبدو مبالغاً فيه”.
فرص الشراء رغم التراجعات
رغم هذه التراجعات الحادة، يرى بعض المحللين أن الوقت الحالي قد يمثل فرصة للاستثمار. على سبيل المثال، قام محللو “مورجان ستانلي” برفع تصنيف أسهم شركة “مونداي دوت كوم” إلى “وزن زائد”، مشيرين إلى أن التراجع الأخير يعكس بشكل كافٍ المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
تأثيرات أوسع على قطاع التكنولوجيا
لم تقتصر المخاوف على شركات البرمجيات فقط، بل امتدت إلى الشركات التي تقدم خدمات استشارية وأبحاث تقنية المعلومات مثل “جارتنر” (Gartner Inc)، التي خفضت توقعاتها للسنة المالية الحالية. ورغم أن الشركة عزت ذلك إلى عوامل مثل الرسوم الجمركية وخفض الميزانيات الحكومية، إلا أن المحللين أشاروا إلى أن المنافسة من أدوات الذكاء الاصطناعي كانت عاملاً رئيسياً.
