الشرق الأوسط، المنطقة التي لطالما كانت محورًا للتوترات الجيوسياسية، شهد انفراجة كبيرة هذا الأسبوع مع إعادة فتح المجال الجوي في معظم دول الخليج، بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران. هذه الخطوة جاءت بعد 12 يومًا من التصعيد العسكري الذي أثر بشكل كبير على حركة الطيران والملاحة الجوية في المنطقة.
استئناف الرحلات الجوية تدريجياً
منذ مساء يوم الإثنين، بدأت شركات الطيران الخليجية في استئناف رحلاتها بالتدريج، حيث عادت المطارات في دبي والدوحة إلى العمل بعد إغلاق مؤقت نتيجة ضربة صاروخية إيرانية استهدفت قاعدة أمريكية في قطر. كما استأنفت المطارات في البحرين والكويت عملياتها يوم الثلاثاء، رغم الحذر الذي تبديه شركات الطيران الأجنبية في استعادة رحلاتها عبر المنطقة.
على صعيد آخر، أعلنت الخطوط الجوية القطرية عن استئناف رحلاتها بشكل كامل مع تكثيف عملياتها في مطار حمد الدولي بالدوحة، الذي يعد من أكبر مراكز العبور في العالم. أما “طيران الإمارات”، فقد أعادت جدولة رحلاتها باستخدام مسارات بديلة بعيدة عن مناطق النزاع، مما يضمن سلامة الركاب واستمرارية الخدمة.
تأثيرات اقتصادية إيجابية
وقف القتال في المنطقة كان له انعكاسات إيجابية على الأسواق المالية. فقد شهدت أسهم شركات الطيران الأوروبية ارتفاعًا ملحوظًا يوم الثلاثاء. ارتفعت أسهم شركات مثل “لوفتهانزا” و”رايان إير” بأكثر من 4%، في حين قفزت أسهم “إير فرانس-كيه إل إم” بنسبة 10%. أما الخطوط الجوية التركية، فقد سجلت ارتفاعًا بنسبة 6.7%.
رغم ذلك، لا تزال المخاوف قائمة حول استدامة وقف إطلاق النار. إذ اتهمت إسرائيل إيران بانتهاك الاتفاق، فيما لم تؤكد إيران رسميًا التزامها به، مما يضع مستقبل الاستقرار الإقليمي في دائرة الشك.
تحديات تشغيلية ومخاوف السلامة
إعادة فتح المجال الجوي لا يعني بالضرورة انتهاء التحديات التي تواجه شركات الطيران. الإغلاقات السابقة أجبرت العديد من الشركات على اتخاذ مسارات أطول، مما زاد من تكاليف الوقود ومدد زمن الرحلات بشكل كبير. على سبيل المثال، رحلة تابعة لشركة “كوانتاس” من أستراليا إلى باريس استغرقت أكثر من 15 ساعة، ليجد الركاب أنفسهم في النهاية يعودون إلى نقطة الانطلاق بسبب التحويلات.
كما أن بعض شركات الطيران العالمية مثل الخطوط الجوية اليابانية والهندية علقت رحلاتها إلى المنطقة أو قلصتها، مما يعكس القلق المستمر بشأن الأوضاع الأمنية.
مستقبل الطيران في المنطقة
رغم أن إعادة فتح المجال الجوي يعد خطوة إيجابية نحو التعافي، إلا أن التوترات السياسية في المنطقة تجعل استقرار حركة الطيران أمرًا غير مضمون. القيود المتكررة على الأجواء في الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية أثرت بشكل كبير على قطاع الطيران، مما دفع الشركات إلى البحث عن بدائل مكلفة أو إلغاء رحلاتها تمامًا.
ومع ذلك، فإن استقرار الأوضاع في الأجواء الخليجية، حتى ولو مؤقتًا، يعد فرصة لشركات الطيران لإعادة بناء ثقة المسافرين واستعادة حركة النقل الجوي إلى مستوياتها الطبيعية. يبقى الأمل في التزام الأطراف المعنية بوقف إطلاق النار، مما يضمن استمرار الانتعاش التدريجي لهذا القطاع الحيوي.
