شهدت الولايات المتحدة الأميركية خلال العقد الأخير تحديات اقتصادية معقدة، كان أبرزها محاولات تحقيق توازن بين تحفيز النمو وتقليل عجز الموازنة. ومن بين الخطوات التي أثارت جدلاً واسعاً كانت تعديلات قانون ترمب الضريبي، التي أقرها مجلس النواب، والتي وفقاً لتحليل صادر عن مكتب الميزانية في الكونغرس، ستضيف 2.8 تريليون دولار إلى عجز الموازنة الأميركية خلال السنوات العشر المقبلة.
أبعاد التأثير على الاقتصاد الأميركي
يهدف القانون الضريبي الجديد، الذي يُعرف بـ “القانون الموحد الجميل والكبير”، إلى تحفيز الاقتصاد الأميركي من خلال تخفيضات ضريبية دائمة، بعضها يعود إلى قانون 2017، إضافة إلى إعفاءات جديدة تشمل إلغاء الضرائب على الإكراميات وساعات العمل الإضافية بشكل مؤقت.
لكن هذه التعديلات أثارت الكثير من التساؤلات حول فعاليتها. فبينما يرى الجمهوريون أن هذه الخطوة ستسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتوليد عوائد إضافية للخزينة، أظهرت التحليلات المستقلة، بما في ذلك تقديرات مكتب الميزانية، أن التأثير سيكون هامشياً. فمن المتوقع أن ترفع التعديلات معدل النمو السنوي بـ 0.04 نقطة مئوية فقط، ليصل إلى 1.84% بدلاً من 1.8%، وهو ما يتناقض مع تصريحات وزير الخزانة سكوت بيسنت الذي أكد أن الاقتصاد سيحقق نمواً مستداماً بنسبة 3% خلال عام.
زيادة العجز والتحديات السياسية
التقديرات الجديدة للعجز البالغة 2.8 تريليون دولار تفوق الرقم السابق البالغ 2.4 تريليون دولار، وذلك بعد حساب التأثيرات الديناميكية كارتفاع أسعار الفائدة، التي من المتوقع أن تضيف 441 مليار دولار إلى العجز خلال العقد المقبل.
على الجانب الآخر، تقدر تحليلات مستقلة مثل نموذج موازنة بن وارتون ومؤسسة الضرائب أن العجز قد يصل إلى 3.2 تريليون دولار بعد احتساب كافة التأثيرات الاقتصادية. هذه الأرقام تُلقي بظلالها على النقاشات السياسية الجارية، حيث يواجه المشروع تحديات من الجمهوريين المحافظين الذين يرون أن زيادة العجز قد تؤدي إلى أزمات مالية على المدى الطويل.
اختلافات بين النسختين في مجلسي النواب والشيوخ
يتضمن مشروع القانون في مجلس النواب رفع الحد الأقصى للخصومات الفيدرالية على ضرائب الولايات والضرائب المحلية من 10 آلاف إلى 40 ألف دولار، بينما لا تزال هذه النقطة محل نقاش في مجلس الشيوخ. كما أن نسخة الشيوخ تُجري تغييرات أعمق، مثل تقليص الإعفاءات الممنوحة للعمال والشركات الفردية، وزيادة التخفيضات في برنامج “ميديكيد”، ما أثار مخاوف من تأثيرات سلبية على النمو الاقتصادي.
الرسوم الجمركية: عامل موازنة أم مجرد وهم؟
أشارت إدارة ترمب إلى أن زيادة الرسوم الجمركية على الواردات قد تعوض جزءاً من عجز الموازنة، حيث توقع مكتب الميزانية أن هذه الرسوم قد تقلل العجز بمقدار 2.8 تريليون دولار إذا استمرت دون تغيير. ومع ذلك، يستبعد خبراء الاقتصاد استمرار هذه الرسوم على المدى الطويل، ما يجعل تأثيرها محدوداً.
