شهدت الساحة السياسية حدثًا تاريخيًا سيُذكر طويلاً، حيث التقى الرئيس السوري أحمد الشرع نظيره الأمريكي دونالد ترمب في أول اجتماع بين رئيسي البلدين منذ ربع قرن. اللقاء، الذي انعقد على هامش قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، حمل بين طياته رسائل سياسية واقتصادية عميقة، أبرزها دعوة الشرع للشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع النفط والغاز السوري، في خطوة تشير إلى تحولات كبيرة في المشهد الإقليمي والدولي.
تحول تاريخي في العلاقات السورية – الأمريكية
انعقاد هذا الاجتماع الثلاثي بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، جاء تتويجًا لجهود دبلوماسية حثيثة بذلتها السعودية لتعزيز الاستقرار في المنطقة. المملكة، التي طالما لعبت دور الوسيط الإقليمي، قادت مبادرة غير مسبوقة لرفع العقوبات الأمريكية التي أنهكت الاقتصاد السوري لعقد من الزمن. وقد أعلن ترمب رسميًا إنهاء تلك العقوبات، واصفًا الخطوة بأنها دليل على تقدير الولايات المتحدة لدور السعودية في إحلال الأمن الإقليمي.
إعادة سوريا إلى محيطها العربي
استضافة الرياض للاجتماع بين سوريا وأمريكا، بحضور شخصيات بارزة مثل وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ونظيره السوري أسعد الشيباني، أكدت على عودة سوريا إلى مكانتها العربية. الجهود السعودية لم تقتصر على الوساطة مع الولايات المتحدة، بل امتدت إلى التنسيق مع تركيا، التي شارك رئيسها رجب طيب أردوغان في الاجتماع عبر تقنية الفيديو، مما يعكس رغبة إقليمية صادقة في دعم سوريا الجديدة.
دعوة للاستثمار وإعادة الإعمار
خلال اللقاء، دعا الرئيس الشرع الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع النفط والغاز السوري، مؤكدًا على أهمية التعاون الاقتصادي لإعادة بناء ما دمرته الحرب. كما أشار وزير الخارجية السوري إلى أن رفع العقوبات يمثل “بداية جديدة لمسار إعادة الإعمار”. يُتوقع أن تُفتح قنوات جديدة للتعاون بين البلدين، تشمل مشاريع إعادة الإعمار، مكافحة الإرهاب، والتنسيق الأمني، وهو ما قد يغير ملامح التوازنات السياسية في الشرق الأوسط.
دور السعودية في تعزيز الاستقرار
السعودية كانت ولا تزال في طليعة الداعمين لإزالة العقوبات المفروضة على سوريا منذ عام 2011، وقد استضافت في فبراير الماضي طاولة مستديرة لبحث سبل ترميم الاقتصاد السوري. الجهود السعودية أثمرت عن بيان مشترك مع البنك وصندوق النقد الدوليين يؤكد دعم سوريا في مجالات التنمية وإعادة بناء المؤسسات. هذا التوجه يعكس التزام المملكة برؤية شاملة لتحقيق نهضة اقتصادية وسياسية في سوريا.
نحو مستقبل أكثر استقرارًا
مراقبون وصفوا اللقاء بين ترمب والشرع بأنه انعكاس للتحولات الجيوسياسية في المنطقة. رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بوساطة سعودية، سيعزز من قدرة دمشق على مواجهة التحديات الاقتصادية، ويدعم العملية الانتقالية نحو مستقبل أكثر استقرارًا. كما أن انفتاح واشنطن على التعاون مع دمشق يُظهر رغبة دولية في إعادة إدماج سوريا في النظام العالمي.
