يبدو أن قطاع السيارات الكهربائية يواجه تحديات كبيرة في المستقبل القريب حيث مع اقتراب عام 2025، يتوقع خبراء السوق تراجعًا كبيرًا في مبيعات هذه السيارات، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على الشركات المصنعة، بما في ذلك شركة “تسلا”، التي تُعد واحدة من أبرز اللاعبين في هذا المجال.
تراجع الدعم الحكومي وتأثيره على السوق
أحد الأسباب الرئيسية لهذا الانخفاض المتوقع هو التغيرات السياسية والاقتصادية في بعض الأسواق الرئيسية. ففي الولايات المتحدة، قد يقوم الرئيس المنتخب دونالد ترامب بإلغاء الإعفاءات الضريبية الممنوحة لمشتري السيارات الكهربائية، والتي تصل إلى 7500 دولار لكل سيارة. إذا تحقق ذلك، فسيؤدي إلى ارتفاع واضح في أسعار السيارات الكهربائية، مما يجعلها أقل تنافسية مقارنةً بالمركبات التقليدية.
على سبيل المثال، يبلغ متوسط سعر السيارة الكهربائية في الولايات المتحدة حوالي 55,000 دولار. ومع إلغاء الدعم، قد يرتفع هذا السعر إلى 62,500 دولار، أي بزيادة نسبتها 14%. هذا سيحد بلا شك من الطلب على السيارات الكهربائية، ويقلص المبيعات بشكل كبير.
أمثلة من الأسواق الأخرى
التجربة الألمانية تقدم مثالًا واضحًا على تأثير تقليص الدعم الحكومي على سوق السيارات الكهربائية. فقد شهدت ألمانيا انخفاضًا بنسبة 26% في مبيعات السيارات الكهربائية بعد وقف الحكومة للدعم المالي الذي كان يصل إلى 5000 دولار لكل سيارة. هذا الانخفاض في الدعم جعل الأسعار أعلى، حيث أصبح سعر بعض السيارات يصل إلى 42,000 دولار، مما أدى إلى عزوف المشترين عنها.
“تسلا” بين التحديات والفرص
رغم هذه التحديات، لا تزال “تسلا” تعمل على استراتيجيات مبتكرة لتقليل تأثير التراجع المتوقع في المبيعات. تخطط الشركة لإطلاق نموذج جديد منخفض التكلفة في النصف الأول من عام 2025، بسعر يبدأ من 30,000 دولار. هذا السعر التنافسي قد يساعد “تسلا” على جذب شريحة أكبر من العملاء، خاصة في ظل ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية الأخرى.
في عام 2020، باعت “تسلا” حوالي 65,000 سيارة من طراز “Y”، ومع التوقعات السلبية لمبيعات السيارات الكهربائية في 2025، قد تتمكن الشركة من بيع حوالي 100,000 سيارة في السوق الأمريكية وحدها. بالإضافة إلى ذلك، تشير توقعات “وول ستريت” إلى أن “تسلا” قد تسلم حوالي 2.1 مليون سيارة في 2025، بزيادة قدرها 17% مقارنة بعام 2024.
المنافسة مع الشركات الأخرى
الشركات الأخرى مثل “تويوتا” بدأت أيضًا في اتخاذ خطوات لمواجهة التحديات. على سبيل المثال، أعلنت “تويوتا” عن تخفيض سعر سيارتها الكهربائية الأكثر مبيعًا (BZ4X) إلى 37,000 دولار، أي أقل بنسبة 14% مقارنة بسعر طراز 2024. هذا التوجه نحو تخفيض الأسعار قد يعزز القدرة التنافسية للشركات، لكنه سيشكل ضغطًا على أرباحها.
الآثار على الصناعة ككل
في ظل هذه التطورات، من المتوقع أن تنخفض مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة إلى حوالي 1.1 مليون سيارة في 2025، مقارنة بالتوقعات ببيع 1.3 مليون سيارة في 2024. ومع ذلك، فإن انخفاض الأسعار من قبل الشركات، مثل “تسلا” و”تويوتا”، قد يساعد في تعويض بعض الخسائر الناتجة عن الغاء الإعفاءات الضريبية، ولكنه سيظل عامًا صعبًا على الصناعة ككل.
نظرة مستقبلية
رغم التحديات الواضحة، لا يزال المستثمرون متفائلين بشأن مستقبل “تسلا”. فقد ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 72% منذ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مما يعكس ثقة الأسواق في قدرة “تسلا” على التكيف مع المتغيرات.
في النهاية، سيظل عام 2025 عامًا حاسمًا لصناعة السيارات الكهربائية. وبينما تواجه الشركات تحديات اقتصادية وتنظيمية كبيرة، فإن الابتكار والتخطيط الاستراتيجي، كما هو الحال مع “تسلا”، قد يكونان مفتاح النجاح في هذه السوق المتغيرة بسرعة.