في تصعيد جديد للتوترات في الشرق الأوسط، شهدت البنية التحتية للطاقة الإيرانية ضربة قوية بعد أن شنت إسرائيل هجومًا على حقل الغاز العملاق “بارس الجنوبي”، وهو أكبر حقل غاز في العالم. هذا الهجوم، الذي وقع يوم السبت، أدى إلى انفجار قوي وحريق في منشأة لمعالجة الغاز الطبيعي المرتبطة بالحقل، مما أوقف الإنتاج في إحدى المنصات البحرية وأثار قلقًا عالميًا بشأن استقرار أسواق الطاقة.
أثر الهجوم على قطاع الطاقة الإيراني
حقل “بارس الجنوبي”، الذي تشترك فيه إيران مع قطر (حيث يُعرف هناك باسم حقل الشمال)، يُعد شريانًا حيويًا لإمدادات الغاز في إيران، حيث يوفر ما يقرب من ثلثي احتياجات البلاد. ومع ذلك، فإن غاز الحقل يُستخدم بشكل أساسي للاستهلاك المحلي، ولا يُصدر على نطاق واسع نظرًا لعدم اكتمال مشاريع البنية التحتية اللازمة لتصديره بكفاءة. الهجوم الإسرائيلي استهدف المرحلة 14 من الحقل، مما أدى إلى توقف الإنتاج بمقدار 12 مليون متر مكعب يوميًا. كما اندلع حريق آخر في مصنع “فجر جم”، الذي يُعالج الوقود من حقل “بارس الجنوبي”، بالإضافة إلى منشآت أخرى.
انعكاسات دولية وتوترات في الأسواق
الهجوم الذي وقع بعد سلسلة من الضربات الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني، يُعد تصعيدًا كبيرًا في الصراع بين الجانبين. ويثير هذا التصعيد تساؤلات حول احتمالية استهداف إسرائيل المزيد من البنية التحتية للطاقة الإيرانية، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية في إيران ويهدد استقرار أسواق الطاقة العالمية.
الأضرار التي لحقت بمنشآت الغاز في إيران قد تُسبب تقلبات في أسعار النفط والغاز العالمية عند استئناف التداول بعد عطلة نهاية الأسبوع. يُذكر أن أسعار النفط الخام الأميركي ارتفعت بنسبة 14% يوم الجمعة الماضي، قبل أن تستقر عند 73 دولارًا للبرميل، ما يعكس التأثير المباشر للتوترات الجيوسياسية في المنطقة.
تصعيد خطير وتشابه مع هجمات سابقة
المحللون يرون أن هذا الهجوم يُعد من أخطر الضربات التي استهدفت البنية التحتية للطاقة منذ الهجوم على منشأة “بقيق” السعودية عام 2019. فإيران، التي تُعد ثالث أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، تعتمد بشكل كبير على صادرات المكثفات إلى الصين وبعض الدول الأخرى. ومع تصاعد الضغوط الاقتصادية والعقوبات الدولية، فإن أي ضرر إضافي لمنشآت الطاقة الإيرانية يُفاقم من أزماتها الداخلية.
انعكاسات على الداخل الإيراني
تعاني إيران بالفعل من أزمة طاقة خانقة، حيث تواجه أسوأ انقطاعات كهرباء منذ عقود. هذه الانقطاعات تؤثر على الاقتصاد الإيراني بشكل كبير، حيث تُقدر خسائرها اليومية بنحو 250 مليون دولار، وفقًا لتقارير غرفة التجارة الإيرانية. الضربات الأخيرة قد تُضيف عبئًا إضافيًا على قطاع الطاقة الإيراني، الذي يعاني من نقص الاستثمار والبنية التحتية المتهالكة.
استهداف اقتصادي بأبعاد جيوسياسية
يبدو أن إسرائيل تسعى إلى ضرب أهداف اقتصادية استراتيجية لإيران، لكنها في الوقت نفسه تحاول تقليل التأثير المباشر على الأسواق الدولية لتجنب إثارة استياء حلفائها. ومع ذلك، فإن هذا النوع من التصعيد يُنذر بحلقة جديدة من التوترات التي قد تتسع لتشمل دولًا أخرى في المنطقة.
