شهد الريال الإيراني يوم الأربعاء 18 ديسمبر 2024 انخفاضًا غير مسبوق في قيمته، حيث وصل إلى أدنى مستوى تاريخي له، مسجلًا 777 ألف ريال مقابل الدولار الأمريكي. يأتي هذا التراجع الكبير في ظل تحديات اقتصادية وسياسية متزايدة تواجه إيران، المرتبطة بتوترات الشرق الأوسط والعقوبات الدولية.
أسباب الانخفاض الحاد
تعود الأسباب الرئيسية لهذا الانخفاض إلى عوامل متعددة، أبرزها:
- التوترات السياسية والعقوبات الدولية:
بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018، وتزايد العقوبات الاقتصادية، عانى الاقتصاد الإيراني من تدهور مستمر. العقوبات أثرت بشكل كبير على قدرة إيران على تصدير النفط والاستفادة من عائداته. - أزمة الطاقة الداخلية:
أدت الظروف الشتوية القاسية إلى تفاقم أزمة الطاقة في إيران، حيث أُغلقت المدارس والجامعات والمكاتب الحكومية بسبب نقص الغاز والانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي. يُذكر أن هذه الأزمة ليست جديدة، حيث واجهت إيران صيفًا مليئًا بالانقطاعات الكهربائية، ما يعكس ضعف البنية التحتية لقطاع الطاقة، رغم احتياطياتها الهائلة من الغاز والنفط. - غياب الاستثمار في قطاع الطاقة:
سنوات من العقوبات ونقص الاستثمار جعلت قطاع الطاقة الإيراني غير قادر على التعامل مع الزيادات الموسمية في الطلب، ما أثر على الاقتصاد بشكل عام. - التغيرات السياسية الداخلية:
شهدت إيران خلال هذا العام أحداثًا سياسية كبيرة، من بينها انتخاب الرئيس مسعود بزشكيان بعد حادثة وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي. ورغم وعود بزشكيان بالتوصل إلى اتفاق لتخفيف العقوبات الغربية، فإن الوضع الاقتصادي لم يشهد تحسنًا يُذكر.
محاولات البنك المركزي لإنقاذ الموقف
في محاولة للحد من التدهور، قام البنك المركزي الإيراني بضخ 220 مليون دولار في سوق العملات الأجنبية. وصرح محافظ البنك المركزي، محمد رضا فرزين، في مقابلة مع التلفزيون الحكومي، بأن المعروض من العملات الأجنبية سيزداد، معربًا عن أمله في تحقيق استقرار في سعر الصرف. ومع ذلك، لا تزال هذه الجهود محدودة النتائج في مواجهة التحديات الهيكلية العميقة التي يعاني منها الاقتصاد.
مقارنة تاريخية لسعر الريال
- في عام 2015، أثناء الاتفاق النووي، كان سعر الريال 32 ألفًا مقابل الدولار.
- في يوليو 2024، عندما بدأ بزشكيان ولايته الرئاسية، كان السعر 584 ألفًا مقابل الدولار.
- اليوم، في ديسمبر 2024، وصل السعر إلى 777 ألف ريال لكل دولار، ما يعكس حجم التدهور الكبير خلال السنوات الأخيرة.
الآفاق المستقبلية
إن استمرار هذا الوضع يعكس تحديات كبيرة أمام الحكومة الإيرانية الحالية. فبينما تسعى طهران للتوصل إلى اتفاقيات تخفف من وطأة العقوبات، يزداد الوضع سوءًا نتيجة التوترات السياسية الداخلية والخارجية وأزمة الطاقة.