شهدت الأسواق العالمية منذ بدء إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فرض الرسوم الجمركية تحولات جذرية في أداء الأصول الاستثمارية، مع تفاوت واضح بين الرابحين والخاسرين من هذه الإجراءات.
الأصول الرابحة: الذهب في المقدمة
من بين جميع الأصول الاستثمارية، كان الذهب هو المستفيد الأكبر من الحرب التجارية التي أشعلتها الرسوم الجمركية. ارتفعت أسعار أونصة الذهب بنسبة 9% منذ بدء فرض الرسوم الجمركية، لتصل إلى 3395 دولارًا. هذا الارتفاع جاء مدعومًا بتراجع الدولار الأمريكي، حيث اتجه المستثمرون إلى المعدن الأصفر كملاذ آمن في ظل الأزمات الاقتصادية والمخاوف من الركود العالمي.
الذهب أثبت مرة أخرى أنه الأصل الأكثر استقرارًا في أوقات عدم اليقين. تراجع الثقة في الاقتصاد الأمريكي نتيجة سياسات ترامب وتوقعات الركود دفعت المستثمرين إلى زيادة حيازاتهم من الذهب، ما أدى إلى هذا الصعود القوي.
الأصول الخاسرة: قطاع الطاقة والعملات
في المقابل، كان قطاع الطاقة من أكثر المتضررين جراء هذه السياسات. تراجعت أسعار النفط “برنت” بنسبة 9% لتستقر عند 68 دولارًا للبرميل، بينما هبطت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 18% لتصل إلى 3.25 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. هذا التراجع يعكس القلق من انخفاض الطلب العالمي على الطاقة بسبب الركود المتوقع نتيجة تصاعد الحرب التجارية.
أما العملات، فقد تعرض الدولار الأمريكي لضغوط كبيرة، حيث تراجع مؤشر الدولار بنسبة 5% ليصل إلى أدنى مستوياته منذ مارس 2022. هذا التراجع يعكس المخاوف من فقدان الدولار لمكانته كعملة احتياطية عالمية على المدى الطويل.
حتى العملات المشفرة لم تكن بمنأى عن التأثير، حيث انخفضت عملة البيتكوين بنسبة 1% لتصل إلى 84,360 دولارًا، مع تزايد المخاطر العالمية. ورغم أن هذا التراجع طفيف مقارنة بالأصول الأخرى، إلا أنه يعكس أيضًا تأثير السياسات التجارية على الأسواق الرقمية.
الأسواق المالية: الفروقات الإقليمية
شهدت الأسواق المالية العالمية تراجعات متفاوتة، إلا أن السوق السعودي كان الأقل تأثرًا. تراجع مؤشر “تاسي” بنسبة 3.3% حتى إغلاق 20 أبريل، مقارنة بتراجعات بين 6% و7% في الأسهم الأمريكية. هذا الأداء الأفضل نسبيًا يعكس متانة الاقتصاد المحلي في مواجهة الأزمات العالمية، خاصة مع تركيزه على تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.
تحليل السياسات وتأثيرها طويل الأجل
الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، والتي تراوحت بين 10% و50% على جميع الدول، مثلت صدمة كبيرة للاقتصاد العالمي. لاحقًا، تم تعليق هذه الرسوم لمدة 90 يومًا، لكنها ارتفعت لاحقًا إلى 145% على الصين، في مقابل رسوم صينية بنسبة 125% على الواردات الأمريكية. هذه الحرب التجارية أثرت بشكل مباشر على تدفقات التجارة العالمية، وأثارت مخاوف واسعة من ركود اقتصادي طويل الأمد.
ماذا نتوقع مستقبلًا؟
إذا استمرت السياسات التجارية الحمائية، فمن المتوقع أن يظل الذهب هو الرابح الأكبر، بينما ستستمر العملات والأسواق المرتبطة بالطاقة في مواجهة الضغوط. على الجانب الآخر، قد تكون هناك فرص للمستثمرين في الأصول التي لم تتأثر بشكل كبير، مثل بعض الأسواق الناشئة التي تسعى للاستفادة من إعادة توجيه سلاسل الإمداد العالمية.
