بعد أسبوع من الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وهروبه من البلاد، شهدت الليرة السورية تحسنًا ملحوظًا في قيمتها مقابل الدولار الأمريكي، وهو مشهد اقتصادي غير مألوف في ظل الأوضاع السياسية المضطربة. وتأتي هذه التطورات في أعقاب دخول كميات كبيرة من العملة الأجنبية إلى الأسواق السورية، وبدء التعامل بها بشكل علني، وفق ما أفاد به صرافون وتجار لوكالة “فرانس برس”.
تطورات سعر الصرف
مع اقتراب المعارضة من دمشق عشية سقوط النظام، وصل سعر الصرف في السوق الموازية إلى مستوى قياسي بلغ 30 ألف ليرة مقابل الدولار، بعدما كان ثابتًا لأشهر عند 15 ألف ليرة. لكن في الأيام الأخيرة، بدأ سعر الصرف يتحسن تدريجيًا، حيث تراوح ليلة أمس بين 10 و12 ألف ليرة للدولار الواحد في دمشق. هذا التغير السريع أثار اهتمام الاقتصاديين والمراقبين، خاصة مع دخول الدولار إلى الأسواق من مناطق كانت تسيطر عليها المعارضة سابقًا، مثل إدلب.
أسباب التحسن
يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق، الدكتور قصي إبراهيم، أن هناك عوامل سياسية واقتصادية ساهمت في هذا التحسن المفاجئ. من الناحية السياسية، الإطاحة بالأسد فتحت الباب أمام استثمارات وتحويلات مالية من الخارج، مما عزز الثقة في الاقتصاد السوري. أما من الناحية الاقتصادية، يعود التحسن إلى تدفق كميات كبيرة من الدولار من مناطق المعارضة، إضافة إلى الأموال التي يديرها العاملون في المنظمات الأجنبية التي أصبحت نشطة داخل البلاد.
تغير المشهد الاقتصادي
قبل سقوط النظام، كان التعامل بالدولار أو العملات الأجنبية خارج إطار القانون ويعاقب عليه بالسجن والغرامات. لكن المشهد تغيّر اليوم، حيث أصبحت الأسعار تُعرض علنًا بعملات متعددة، مثل الدولار والليرة التركية، كما شوهد في واجهة متجر “بكداش”، أحد أشهر محلات المثلجات في دمشق. هذا الانفتاح المفاجئ يعكس تحولًا كبيرًا في السياسة الاقتصادية، إذ لم يعد التعامل بالدولار محظورًا، بل بات أمرًا واقعًا.
تاريخ من التدهور
قبل اندلاع الحرب في عام 2011، كان سعر صرف الدولار مقابل الليرة مستقرًا عند 50 ليرة. لكن مع تصاعد النزاع، تدهورت العملة المحلية تدريجيًا وفقدت أكثر من 90% من قيمتها. خلال السنوات الأخيرة، أدى تزايد الطلب على الدولار والذهب إلى انهيار سعر الصرف بشكل كارثي، خاصة في ظل تدهور الثقة بالاقتصاد المحلي.
التحديات المستقبلية
رغم التحسن الملحوظ، فإن مستقبل الاقتصاد السوري يواجه تحديات كبيرة. يعتمد التحسن الحالي بشكل كبير على تدفق العملة الأجنبية، وهو أمر قد يكون مؤقتًا إذا لم يتم تعزيز الإنتاج المحلي وإعادة بناء المؤسسات الاقتصادية. علاوة على ذلك، فإن البلاد بحاجة إلى استقرار سياسي طويل الأمد لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.