تعمل المملكة العربية السعودية على تحقيق نقلة نوعية في قطاعها الصناعي من خلال تسريع تبني التقنيات الصناعية المتقدمة، حيث تسعى لرفع إسهام هذه التقنيات إلى ما بين 13% و15% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030. جاء ذلك على لسان بسمة البحيران، المدير التنفيذي لمركز الثورة الصناعية الرابعة في السعودية، خلال مشاركتها في “المنتدى السعودي الثالث للثورة الصناعية الرابعة” الذي استضافته الرياض.
الثورة الصناعية الرابعة: تعريف وأهداف
تُعرّف الثورة الصناعية الرابعة على أنها مرحلة جديدة من التطور الصناعي، تمزج بين المجالات الفيزيائية والرقمية والبيولوجية. بخلاف الثورة الصناعية الثالثة التي ركزت على الأتمتة باستخدام الإلكترونيات وتقنية المعلومات، تعتمد الثورة الرابعة على أنظمة ذكية مترابطة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، وإنترنت الأشياء، وتقنيات الكم، والروبوتات، والتقنيات الحيوية.
وأوضحت البحيران أن المملكة تعمل على تحديث أكثر من 4,000 مصنع باستخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، الأتمتة، والطباعة ثلاثية الأبعاد. هذه التحديثات من شأنها أن تعزز مكانة المملكة كقائد إقليمي في تبني التقنيات المتقدمة، مع توقعات بأن يسهم الذكاء الاصطناعي وحده بنسبة 12% في الناتج المحلي بحلول 2030.
تقييم المصانع ومنهجية “سيري”
في إطار تحقيق أهدافها، خضع 1,500 مصنع في السعودية لتقييم نضج تقني شامل وفق منهجية “سيري”، وهي مؤشر دولي معتمد لقياس مستوى تبني المنشآت لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة. كما أكمل 1,000 مصنع التقييم الذاتي في غضون ثلاثة أشهر، وأُعدت خطط تحول تفصيلية لـ900 مصنع منها. وتعمل هذه الخطط على رفع مستوى التنافسية والاستدامة في القطاع الصناعي.
التحديات والفرص
رغم التقدم الكبير، لا يخلو الطريق من التحديات. من أبرزها إدارة التغيير، تطوير القدرات الرقمية، ومواءمة الأنظمة الحديثة مع البنية التقنية التقليدية. إلا أن القطاع الخاص في المملكة يلعب دورًا كبيرًا في تجاوز هذه التحديات، حيث شهدت استثمارات القطاع نموا ملحوظًا، مع ارتفاع عدد مقدمي الخدمات في التحول الصناعي بمعدل 8-10% شهريًا.
وقد أشار خالد الحمود، نائب الرئيس التنفيذي للآلات والمعدات في المركز الوطني للتنمية الصناعية، إلى أن البرنامج الحكومي يغطي حتى 80% من تكلفة التحول، إلا أن العديد من المصانع تستثمر ما يصل إلى 4-5 أضعاف قيمة الحوافز الحكومية نتيجة إدراكها للعائد الاستثماري الكبير للتحول الصناعي.
توطين القدرات التقنية وتعزيز المحتوى المحلي
من أبرز الإنجازات التي حققتها المملكة في هذا السياق، النمو الواضح في المحتوى المحلي. إذ إن غالبية مقدمي خدمات التحول الصناعي، البالغ عددهم 160 جهة، هم شركات سعودية أو شراكات نوعية. ويسهم هذا التوسع في توطين القدرات التقنية، توفير وظائف نوعية، وإبقاء القيمة المضافة داخل المملكة.


