في خطوة تُبرز تغيرات كبيرة في موازين القوى الاقتصادية العالمية، تمكنت المملكة المتحدة من تجاوز الصين لتصبح ثاني أكبر حائز أجنبي لسندات الخزانة الأمريكية، وفقاً لبيانات حديثة صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية.
الصين تتراجع والمملكة المتحدة تتقدم
شهد شهر مارس الماضي تراجع الحيازات الصينية من سندات الخزانة الأمريكية إلى 765.4 مليار دولار، ما يعتبر نتيجة لمبيعات صافية بلغت 27.6 مليار دولار في السندات طويلة الأجل. في المقابل، قفزت حيازات المملكة المتحدة لتصل إلى 779.3 مليار دولار، مما يعكس زيادة ملحوظة في استثماراتها في هذه السندات.
يأتي هذا التحول في أعقاب الاضطرابات التي شهدتها أسواق السندات الأمريكية خلال أبريل الماضي، حيث ارتفعت الحيازات الأجنبية الإجمالية من سندات الخزانة بمقدار قياسي بلغ 233.1 مليار دولار لتصل إلى 9.05 تريليون دولار. وساهمت المملكة المتحدة بشكل كبير في هذا الارتفاع، بعد أن كانت الصين ثاني أكبر حائز لهذه السندات منذ أكثر من عقدين.
اليابان في الصدارة والصين تتراجع منذ سنوات
بالرغم من هذا التغيير، تظل اليابان في الصدارة كأكبر حائز أجنبي لسندات الخزانة الأمريكية، حيث ارتفعت حيازاتها للشهر الثالث على التوالي لتصل إلى 1.13 تريليون دولار. أما تراجع الصين من المركز الأول الذي احتلته حتى عام 2019 إلى المركز الثالث حالياً، فيعكس تغيرات استراتيجية متعلقة بالسياسات الاستثمارية الصينية، خاصة في ظل التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
تأثيرات تجارية وتحولات اقتصادية
تأتي هذه التغيرات في سياق توترات تجارية بين الصين والولايات المتحدة. وقد أثارت الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب موجة من التقلبات في الأسواق المالية، شملت انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 1.8% خلال مارس الماضي، واستمرار التراجع خلال أبريل بنحو 4% إضافية.
على صعيد آخر، شهدت حيازات كندا وبلجيكا أيضاً ارتفاعاً ملحوظاً في مارس، حيث زادت حيازات كندا بمقدار 20.1 مليار دولار لتصل إلى 426.2 مليار دولار، بينما ارتفعت حيازات بلجيكا – التي تتضمن حسابات صينية وفقاً للمحللين – بمقدار 7.4 مليار دولار لتبلغ 402.1 مليار دولار.
الاستقرار النسبي لعوائد السندات
رغم الاضطرابات التي شهدتها أسواق السندات في أبريل، ظلت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات مستقرة نسبياً خلال مارس، حيث تراوحت بين 3.86% و4.59%.
اتفاقيات تجارية جديدة وتخفيف التوترات
في الآونة الأخيرة، خفت حدة المخاوف من تصعيد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بعد اجتماع بين مسؤولين من البلدين أدى إلى خفض متبادل للرسوم الجمركية. كما أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي عن التوصل إلى اتفاق تجاري جديد مع المملكة المتحدة، مما يعزز من العلاقات الاقتصادية بين البلدين ويُفسر ربما جزئياً زيادة الاستثمارات البريطانية في السندات الأمريكية.
تداعيات التحول على الاقتصاد العالمي
إن تجاوز المملكة المتحدة للصين في حيازة سندات الخزانة الأمريكية يُعد انعكاساً لتغيرات أكبر في الأنماط الاستثمارية العالمية، ويطرح تساؤلات حول الاستراتيجيات الاقتصادية للصين في مواجهة التحديات الجيوسياسية. كما يُبرز الدور المتنامي للمملكة المتحدة في الأسواق المالية الأمريكية، في ظل سعيها لتعزيز مكانتها الاقتصادية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
← 
← 
← 
← 
← 
← 
← 
