في تصعيد جديد يهدد العلاقات الاقتصادية العالمية، وجه الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، تحذيرًا شديد اللهجة لدول مجموعة بريكس، مطالبًا إياها بالالتزام بعدم إنشاء أو دعم أي عملة بديلة تحل محل الدولار الأمريكي “القوي”. وصرح ترامب عبر منصته للتواصل الاجتماعي “Truth Social” يوم السبت 30 نوفمبر 2024، أنه في حال أقدمت دول بريكس على هذه الخطوة، فإنها ستواجه تعريفات جمركية بنسبة 100%، وستفقد إمكانية الوصول إلى “الاقتصاد الأمريكي الرائع”.
تصعيد اقتصادي غير مسبوق
ترامب، الذي عُرف بسياساته الاقتصادية الحمائية خلال ولايته الأولى، يواصل النهج نفسه مع وعود بفرض تعريفات جمركية هائلة على الواردات من دول مثل المكسيك وكندا والصين ابتداءً من اليوم الأول في ولايته الثانية. هذا التصعيد يأتي في وقت حساس، حيث تسعى العديد من الدول إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي في التجارة الدولية، وهو ما تعتبره الولايات المتحدة تهديدًا مباشرًا لهيمنة عملتها.
وقال ترامب: “نحن نطالب هذه الدول بالتزام بأنها لن تخلق عملة بريكس جديدة، ولا تدعم أي عملة أخرى لتحل محل الدولار الأمريكي القوي، وإلا فإنها ستواجه تعريفات جمركية بنسبة 100٪”.
ردود أفعال دولية
في المقابل، أبدت الصين، العضو البارز في مجموعة بريكس، موقفًا أكثر هدوءًا، حيث أعلنت لجنة التعريفات الجمركية بمجلس الدولة الصيني استمرار الإعفاءات الجمركية على بعض السلع الأمريكية حتى نهاية فبراير المقبل، في محاولة لموازنة العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن تهديدات ترامب قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على اقتصادات دول بريكس، خاصة إذا ما قررت الولايات المتحدة تطبيق تعريفات جمركية مشددة. كما أن التوترات المتزايدة قد تعيد تشكيل العلاقات الاقتصادية العالمية، مما يفتح الباب أمام تحالفات جديدة خارج نطاق الهيمنة الأمريكية.
ترامب: شخصية مثيرة للجدل
ترامب، الذي وُلد في نيويورك عام 1946، اشتهر بنهجه غير التقليدي وتفاديه للدبلوماسية، حتى مع حلفاء الولايات المتحدة. تحت شعار “أمريكا أولاً”، تبنى سياسات مشددة مع العديد من الدول، وخاض مواجهات سياسية واقتصادية مع إيران والصين، وأبدى إعجابًا بزعماء استبداديين مثل فلاديمير بوتين وكيم جونغ-أون.
لم يكن ترامب بعيدًا عن الجدل الداخلي أيضًا، حيث واجه عدة اتهامات وقضايا خلال مسيرته السياسية، أبرزها محاولاته للتأثير على نتائج الانتخابات في ولاية جورجيا عام 2020، وتعاملاته مع أرشيف البيت الأبيض، إلى جانب قضايا شخصية أثارت الرأي العام.
التأثير على الاقتصاد العالمي
تهديدات ترامب الأخيرة تضع الاقتصاد العالمي على المحك، إذ أن فرض تعريفات جمركية بهذا الحجم على دول مجموعة بريكس يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات اقتصادية عالمية. فمن المعروف أن دول بريكس – التي تضم البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا – تلعب دورًا محوريًا في الاقتصاد العالمي، وتسعى منذ سنوات لتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي عبر تعزيز التعاون التجاري بعملات محلية أو إنشاء عملة مشتركة.
مع ذلك، قد تواجه هذه الدول تحديات كبيرة في حال تنفيذ تهديدات ترامب، حيث أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يمثل قوة رئيسية في النظام الاقتصادي العالمي، وقد تكون تكلفة فقدان الوصول إلى السوق الأمريكية كبيرة جدًا.