تشهد العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية مرحلة جديدة من التطور والشراكة الاستراتيجية، حيث تم الإعلان عن صفقات استثمارية ضخمة بقيمة 575 مليار دولار. تأتي هذه الخطوة ضمن جهود تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتوسيع نطاق الشراكات في مجالات متعددة مثل الطاقة، الذكاء الاصطناعي، الدفاع، التعليم، والرعاية الصحية.
منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي 2025
انعقدت النسخة الثانية من منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي في العاصمة واشنطن، تحت شعار “القيادة من أجل النمو”، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وعدد من كبار المسؤولين التنفيذيين من الجانبين. المنتدى، الذي نظمته وزارة الاستثمار السعودية، شهد توقيع اتفاقيات جديدة بقيمة 267 مليار دولار، تضاف إلى الصفقات التي تم الإعلان عنها سابقًا خلال زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الرياض، والتي بلغت قيمتها 307 مليارات دولار.
القطاعات المستهدفة
تغطي الاتفاقيات بين الجانبين عددًا من القطاعات الحيوية، التي تعكس رؤية المملكة 2030 وتحولها إلى مركز اقتصادي عالمي، وتشمل:
- الطاقة والبتروكيماويات: وقعت 83 اتفاقية بقيمة 143.6 مليار دولار، تهدف إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقة النظيفة، وتوطين التقنيات، وتطوير الاقتصاد الدائري للكربون. وتعد أرامكو وسابك من بين أبرز المستثمرين في هذا القطاع داخل الولايات المتحدة.
- الذكاء الاصطناعي والتقنية: تم توقيع 66 اتفاقية بقيمة 57.7 مليار دولار، بقيادة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا). تشمل هذه الاتفاقيات التعاون مع شركات تقنية أمريكية رائدة مثل NVIDIA، Adobe، وCisco، لإنشاء مراكز بيانات ضخمة وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي متعددة الوسائط.
- الدفاع والطيران: بلغت قيمة الاتفاقيات في هذا القطاع 133 مليار دولار، وشملت شراكات مع شركات كبرى مثل Lockheed Martin وBoeing لتعزيز القدرات الدفاعية للمملكة، وتوطين صناعة الطيران والصيانة.
- التمويل والاستثمار: تم توقيع 8 اتفاقيات بقيمة 18.7 مليار دولار، تشمل استثمارات في منشآت معالجة الغاز وتطوير الشراكات بين صندوق الاستثمارات العامة (PIF) وكبرى الشركات الأمريكية مثل BlackRock وGoldman Sachs.
- البنية التحتية والتنمية الحضرية: خصصت 20 مليار دولار لتنفيذ مشاريع مستدامة بالتعاون مع شركات أمريكية مثل Silverstein Properties.
- الترفيه والألعاب: بلغت قيمة الاستثمارات في هذا القطاع 28.7 مليار دولار، تشمل استحواذات صندوق الاستثمارات العامة على شركات رائدة مثل Electronic Arts.
- الرعاية الصحية والتعليم: وقعت 72 اتفاقية بقيمة 17.8 مليار دولار، بهدف تحسين منظومة الرعاية الصحية في المملكة، بالتعاون مع مؤسسات أمريكية مثل كليفلاند كلينك وجامعة هارفارد.
دور صندوق الاستثمارات العامة
يلعب صندوق الاستثمارات العامة السعودي دورًا محوريًا في تعزيز الشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة، حيث يشكل السوق الأمريكي أكبر وجهة لاستثمارات الصندوق خارج المملكة. ويمتلك الصندوق استثمارات ضخمة في قطاعات الطاقة، التقنية، والخدمات المالية، مما يعزز دوره كأحد أبرز صناديق الثروة السيادية في العالم.
انعكاسات الشراكة الاقتصادية
تعكس هذه الاتفاقيات الطموح المشترك بين الرياض وواشنطن لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، من خلال توظيف الابتكار وتطوير التقنيات الحديثة. كما توفر فرصًا كبيرة للشركات الأمريكية للوصول إلى السوق السعودي، الذي يعد أحد أسرع الأسواق نموًا وأكثرها حيوية في العالم. وفي المقابل، تستفيد المملكة من نقل المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة، بما يساهم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.


