مع نهاية عام 2024، تواجه أوروبا تحديات اقتصادية كبيرة مع استمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، مما ينذر ببداية سنة صعبة للمستهلكين على مستوى الأسر والصناعات على حد سواء. فقد شهدت أسعار الغاز في أوروبا ارتفاعًا بنسبة 45% خلال العام الماضي، ما زاد من الأعباء على المواطنين الذين يعانون أصلًا من أسوأ أزمة تكلفة معيشة منذ عقود. ويبدو أن هذه الأزمة مرشحة للاستمرار مع اقتراب توقف تدفقات الغاز الروسي عبر أوكرانيا اعتبارًا من الأول من يناير 2025.
تأثيرات توقف تدفقات الغاز الروسي
توقفت تدفقات الغاز الروسي عبر أوكرانيا، والتي تمثل حاليًا أقل من 5% من إجمالي احتياجات أوروبا من الغاز، إلا أن فقدان هذا المسار سيزيد الضغط على سوق الغاز المتوترة بالفعل. وفقًا لتقديرات المحللين، قد يؤدي توقف التدفقات إلى رفع أسعار الغاز بمقدار 10 يورو إضافية لكل ميغاواط/ساعة، مما يزيد من أعباء المستهلكين. يأتي هذا التوقف في وقت حساس، حيث تعاني القارة من انخفاض احتياطيات الغاز بوتيرة أسرع من المعتاد بسبب موجات البرد وغياب الرياح التي تعيق إنتاج الطاقة المتجددة.
ارتفاع التكاليف وتأثيرها على المستهلكين
تشير العقود الآجلة للغاز إلى أن الأسعار ستظل مرتفعة لفترة طويلة، مما ينعكس على فواتير المستهلكين بشكل مباشر. وقدّر رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو، أن الأسر والشركات الأوروبية قد تواجه زيادة إضافية تتراوح بين 40 و50 مليار يورو سنويًا لتغطية تكاليف الغاز، بالإضافة إلى 60-70 مليار يورو إضافية في تكاليف الكهرباء. وفي المملكة المتحدة، يتوقع أن يرتفع سقف أسعار الطاقة للمرة الثالثة على التوالي في أبريل 2025، مما يزيد من الضغوط على الأسر ويعقد جهود بنك إنجلترا في كبح التضخم.
أزمة الطاقة وتداعياتها الاقتصادية
على الرغم من الجهود الأوروبية لتنويع مصادر إمدادات الغاز من خلال زيادة الواردات البحرية من الغاز الطبيعي المسال والاعتماد بشكل أكبر على النرويج ومصادر الطاقة المتجددة، فإن الوضع لا يزال هشًا. تتأثر الأسواق بشكل كبير بأي تغيرات في الطلب أو العرض العالمي. على سبيل المثال، أدت موجات الحر الشديدة في آسيا إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال، مما ساهم في رفع الأسعار عالميًا.
في ألمانيا، تعاني العديد من المصانع من ارتفاع تكاليف الطاقة، ما أجبر بعضها على تقليص الإنتاج أو حتى التوقف عن العمل. ويعتبر هذا الوضع مؤشرًا مقلقًا على استمرار الضغوط الاقتصادية على أكبر اقتصاد في أوروبا للعام الثالث على التوالي.
آفاق مستقبلية غامضة
في ظل هذه الأزمة، يرى المحللون أن العقود الآجلة للغاز في نقطة التداول الافتراضية (TTF) في هولندا ستظل مرتفعة، مما يعكس نقص المرونة في توازن السوق العالمي. كما أن صعوبة إعادة ملء مخزونات الغاز بحلول نهاية أكتوبر المقبل تزيد من احتمال استمرار ارتفاع الأسعار، خاصة مع توقعات بزيادة الطلب في فصل الشتاء المقبل.
التضخم وأزمة تكلفة المعيشة
مع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة، يبقى التضخم تحديًا رئيسيًا للاقتصاد الأوروبي. وعلى الرغم من تصريحات رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد بأن البنك يقترب من تحقيق هدف التضخم البالغ 2%، فإن الضغوط التضخمية، خاصة في قطاع الخدمات، لا تزال قائمة. ويتوقع المحللون أن ينخفض التضخم إلى ما دون هدف البنك بحلول عام 2025، ولكن ذلك يعتمد بشكل كبير على استقرار أسعار الطاقة.
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
↔ 
← 
← 
← 
← 
← 
← 
← 
