شهد العام 2024 تغييرات ملحوظة في ترتيب الدول الأكثر إنفاقًا عسكريًا على مستوى العالم، حيث تراجعت المملكة العربية السعودية من المرتبة الخامسة إلى السابعة، مع تسجيل إنفاق عسكري بلغ 80.3 مليار دولار. ومع ذلك، لا تزال المملكة تحتفظ بمكانتها كأكبر دولة إنفاقًا عسكريًا في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط.
أسباب التراجع
يرتبط هذا التراجع بشكل كبير بالأحداث العالمية التي شهدها العام 2024، وأبرزها استمرار الحرب الروسية-الأوكرانية التي دخلت عامها الثالث. هذا النزاع دفع الدول الأوروبية إلى زيادة إنفاقها العسكري بشكل غير مسبوق منذ نهاية الحرب الباردة. ونتيجة لذلك، تجاوزت بريطانيا وألمانيا المملكة في ترتيب الإنفاق العسكري، رغم أن السعودية رفعت إنفاقها بنسبة 3.3% مقارنة بعام 2023.
السياق العالمي
بحسب بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وصل الإنفاق العسكري العالمي إلى 2718 مليار دولار في 2024. وهذا يمثل زيادة سنوية بنسبة 9.4%، وهي أكبر وتيرة ارتفاع منذ نهاية الحرب الباردة. ويعكس هذا الارتفاع المتسارع التوترات الجيوسياسية العالمية، خاصة في أوروبا وآسيا.
القارة الأوروبية كانت المحرك الأساسي لهذا النمو في الإنفاق العسكري، حيث سعت الدول هناك لتعزيز قدراتها الدفاعية لمواجهة التحديات الأمنية الناتجة عن الحرب الروسية-الأوكرانية.
ترتيب الدول العشر الكبرى
حافظت الولايات المتحدة على صدارتها كأكبر دولة إنفاقًا عسكريًا، بمبلغ 997.3 مليار دولار، ما يمثل 37.3% من الإنفاق العسكري العالمي. وجاءت الصين في المرتبة الثانية بإنفاق بلغ 313.7 مليار دولار، تليها روسيا بـ149 مليار دولار بعد زيادة إنفاقها بنسبة 36%.
في المقابل، تقدمت ألمانيا إلى المرتبة الرابعة، متجاوزة الهند التي أصبحت خامسة. وحافظت بريطانيا على المركز السادس، بينما جاءت السعودية في المركز السابع. أما أوكرانيا، فرنسا، واليابان، فقد احتلت المراكز من الثامن إلى العاشر دون تغييرات مقارنة بالعام السابق.
السعودية في الصدارة الإقليمية
رغم تراجع ترتيبها العالمي، تبقى السعودية الأعلى إنفاقًا عسكريًا في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط. يُظهر هذا التوجه المستمر التزام المملكة بتعزيز قدراتها الدفاعية، بما يتماشى مع أهدافها الاستراتيجية لحماية أمنها القومي ومصالحها الإقليمية.
نظرة مستقبلية
يُتوقع أن يستمر الإنفاق العسكري العالمي في الارتفاع خلال السنوات المقبلة، خاصة مع استمرار النزاعات الإقليمية والدولية، وسباق التسلح المتزايد بين القوى الكبرى. بالنسبة للسعودية، فإن الإنفاق العسكري يظل جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها، ولكن مع تركيز واضح على تحقيق توازن بين الإنفاق الدفاعي وتنفيذ رؤية 2030، التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
