في أجواء مشحونة بالتوترات السياسية والتجارية، انطلقت اليوم أعمال قمة مجموعة السبع في مدينة كاناناسكيس الكندية، حيث اجتمع قادة الدول السبع الكبرى لمناقشة أبرز القضايا الدولية التي تُلقي بظلالها على الاستقرار العالمي. وعلى رأس هذه القضايا يأتي التصعيد بين إيران وإسرائيل، إلى جانب التوترات المتزايدة في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها.
التصعيد الإيراني-الإسرائيلي: أولوية دبلوماسية
تصدرت الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل جدول أعمال القمة، إذ شنت إسرائيل ضربات على مواقع نووية وعسكرية إيرانية، ما أدى إلى تصعيد خطير في المنطقة. وقد أثارت هذه الأحداث قلقاً دولياً واسعاً، حيث دعا رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، إلى السعي نحو “خفض التصعيد”. وأكد كارني أن دبلوماسية مجموعة السبع يجب أن تركز على منع تفاقم الصراع، مع محاولة الوصول إلى موقف مشترك بين الدول الكبرى حول كيفية التعامل مع إيران.
في هذا السياق، أبدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، موقفاً حذراً، مؤكدة أن الدبلوماسية هي الخيار الأمثل لحل النزاع. لكنها شددت في الوقت نفسه على أن “إيران لا ينبغي أن تمتلك سلاحاً نووياً”. من جهته، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طهران إلى استئناف المفاوضات مع واشنطن، منتقداً في الوقت ذاته تصعيدها المرتبط ببرنامجها النووي.
أما اليابان، التي تربطها علاقات ودية مع إيران، فقد خالفت المواقف الغربية، حيث أدانت الضربات الإسرائيلية ووصفتها بأنها “غير مقبولة ومؤسفة للغاية”.
التوترات التجارية: ضغوط على النظام العالمي
بالتزامن مع التصعيد السياسي، هيمنت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وحلفائها على القمة. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المعروف بسياساته الاقتصادية الصارمة، تعهد بفرض رسوم جمركية جديدة تطال الأصدقاء والخصوم على حد سواء، ما أثار قلقاً دولياً حول مستقبل النظام التجاري العالمي القائم على التعاون والتجارة الحرة.
رئيسة المفوضية الأوروبية أعربت عن أملها في إحراز تقدم في المحادثات التجارية خلال القمة، مشددة على ضرورة الحفاظ على تجارة عادلة ومتوقعة ومفتوحة. لكنها حذرت من مخاطر الحمائية التي قد تؤثر على الاقتصاد العالمي.
ربط النزاعات: إيران وأوكرانيا في صورة واحدة
في تطور لافت، دعت فون دير لاين إلى الربط بين النزاع الإيراني-الإسرائيلي والحرب في أوكرانيا، مشيرة إلى أن الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية الإيرانية تُستخدم في ضرب مدن أوكرانية وإسرائيلية على حد سواء. وأضافت أن مواجهة هذه التهديدات يجب أن تتم بالتوازي، ما يعكس تعقيد الأزمات التي تواجهها القمة.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي دُعي لحضور القمة، يأمل في إجراء محادثات مع ترامب، بينما لا يزال النزاع الأوكراني الروسي يراوح مكانه دون حلول ملموسة. وبينما أبدى ترامب انفتاحاً على فكرة وساطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بين إيران وإسرائيل، أبدى ماكرون تحفظه على هذا الاقتراح، مشككاً في جدوى أي دور وساطة روسي.
خيارات محدودة وخلافات عميقة
مع استمرار القمة لثلاثة أيام، يبدو أن قادة مجموعة السبع يواجهون تحديات بالغة التعقيد. ففي حين يسعى رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إلى تضييق هوة الخلافات، إلا أن الانقسامات الواضحة حول قضايا مثل التصعيد الإيراني-الإسرائيلي، والتوترات التجارية، والحرب في أوكرانيا، تجعل من الصعب تحقيق توافق شامل بين الدول.
وفي الوقت الذي يتوقع فيه البعض أن تصدر القمة بيانات تتعلق بقضايا أقل إثارة للجدل مثل تحسين سلاسل التوريد، فإن القضايا الجوهرية المتعلقة بالأمن العالمي والنظام الاقتصادي ستظل عالقة، ما لم يتمكن القادة من الخروج برؤية مشتركة توازن بين المصالح الوطنية والدولية.
