خفضت وكالة الطاقة الدولية اليوم الثلاثاء توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط خلال العام الجاري بمقدار 300 ألف برميل يوميًا، ليصل إجمالي النمو المتوقع إلى 730 ألف برميل يوميًا فقط. هذا التعديل جاء نتيجة تأثير تصاعد التوترات التجارية على التوقعات الاقتصادية العالمية، ما يثير مخاوف من تباطؤ اقتصادي يؤثر على استهلاك الطاقة.
نظرة على التوقعات الحالية والمستقبلية
وفقًا للتقرير الشهري الصادر عن الوكالة، من المتوقع أن يتباطأ نمو الطلب العام المقبل أيضًا إلى 690 ألف برميل يوميًا. ومع ذلك، فإن المخاطر التي تهدد هذه التوقعات تبقى مرتفعة، نظرًا للظروف الاقتصادية العالمية سريعة التغير، ما يجعل من الصعب تقديم تقديرات دقيقة وثابتة.
استهلاك قوي في الربع الأول
على الرغم من خفض التوقعات، أظهرت بيانات الربع الأول من العام الجاري استهلاكًا قويًا للنفط، حيث ارتفع بمقدار 1.2 مليون برميل يوميًا على أساس سنوي، وهو أقوى معدل نمو منذ عام 2023. لكن هذه الزيادة لم تكن كافية لتعويض التراجع المتوقع بسبب العوامل الاقتصادية الضاغطة.
الإنتاج العالمي: تحولات وتحديات
ارتفع المعروض العالمي من النفط خلال شهر مارس الماضي بمقدار 590 ألف برميل يوميًا ليصل إلى 103.6 مليون برميل يوميًا، بزيادة سنوية قدرها 910 ألف برميل يوميًا. قادت الدول غير الأعضاء في تحالف “أوبك+” هذه الزيادة، سواء على المستوى الشهري أو السنوي. ومن المقرر أن يرفع “أوبك+” أهداف الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميًا في مايو المقبل، لكن الوكالة حذرت من أن الزيادة الفعلية قد تكون أقل بسبب الإنتاج الزائد في بعض الدول.
ومع ذلك، سجل نمو العرض العالمي تباطؤًا هذا العام، حيث انخفض بمقدار 260 ألف برميل يوميًا ليصل إلى 1.2 مليون برميل يوميًا فقط. يعود هذا التراجع إلى انخفاض الإنتاج في كل من الولايات المتحدة وفنزويلا. ويتوقع التقرير أن يرتفع الإنتاج في العام القادم بمقدار 960 ألف برميل يوميًا، مع قيادة المشاريع البحرية لهذه الزيادة.
مخزونات النفط وأسعار الخام
ارتفعت مخزونات النفط العالمية المرصودة بمقدار 21.9 مليون برميل في فبراير الماضي لتصل إلى 7647 مليون برميل. ورغم هذه الزيادة، ما زالت المخزونات تحوم قرب أدنى مستوياتها خلال خمس سنوات. كما أظهرت البيانات الأولية لشهر مارس استمرار ارتفاع المخزونات، خاصة في الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
أما بالنسبة لأسعار النفط، فقد سجلت انخفاضًا بنحو 10 دولارات للبرميل خلال شهر مارس وأوائل أبريل، مع تراجع شهية المخاطرة في الأسواق بسبب زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية وتصاعد المخاوف من الركود الاقتصادي. كما ساهم قرار بعض أعضاء “أوبك+” بتسريع وتيرة تخفيف تخفيضات الإنتاج الطوعية في تعزيز الاتجاه الهبوطي للأسعار.
نظرة مستقبلية على الإنتاج والاستهلاك
تتوقع الوكالة أن يبلغ متوسط الاستهلاك العالمي للنفط هذا العام 83.2 مليون برميل يوميًا، ومن المنتظر أن يزيد الإنتاج بمقدار 360 ألف برميل يوميًا في عام 2026 ليصل إلى 83.6 مليون برميل يوميًا. كما أشار التقرير إلى أن المشاريع البحرية ستلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز الإنتاج المستقبلي.
التوترات التجارية تفرض تحديات أكبر
التوترات التجارية العالمية، بما في ذلك زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية، أثرت بشكل كبير على الطلب العالمي على النفط. وأصبحت هذه التوترات تحديًا رئيسيًا ليس فقط لقطاع الطاقة، ولكن للاقتصاد العالمي بأسره، ما يعكس ترابط الأسواق وتأثرها السريع بالأحداث الجيوسياسية والاقتصادية.
