في تصعيد جديد للصراع التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفتح تحقيق حول الحاجة إلى فرض رسوم جمركية على واردات المعادن الحرجة. هذه الخطوة تأتي استنادًا إلى المادة 232 من قانون توسيع التجارة لعام 1962، التي تمنح الرئيس صلاحية فرض رسوم جمركية لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
خلفية القرار
يهدف التحقيق الذي طلبه ترامب إلى تقييم المخاطر التي قد تواجهها الولايات المتحدة بسبب اعتمادها الكبير على واردات المعادن الحرجة، مثل الكوبالت، النيكل، والمعادن الأرضية النادرة السبعة عشر، إضافةً إلى اليورانيوم. هذه المعادن تعد أساسية في العديد من الصناعات الاستراتيجية، بما فيها الدفاع، السيارات الكهربائية، الطاقة، والإلكترونيات.
وفقًا للأمر الصادر، فإن هذا الاعتماد على الواردات قد يهدد الأمن القومي، الجاهزية الدفاعية، واستقرار الأسعار. ترامب أعطى وزير التجارة ستة أشهر لتقديم تقرير شامل حول النتائج، مع توصيات حول إمكانية فرض رسوم جمركية لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الخارج.
لماذا الآن؟
التحرك الأخير جاء بعد أن فرضت الصين، التي تُعد المُنتج الرئيسي للمعادن الأرضية النادرة عالميًا، قيودًا على صادرات هذه المعادن كرد فعل على الرسوم الجمركية الأمريكية. هذا التصعيد أثار مخاوف كبيرة لدى الإدارة الأمريكية بشأن استدامة الإمدادات، وخصوصًا أن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على الصين لمعالجة المعادن النادرة، حيث تفتقر إلى بنية تحتية كافية لمعالجة هذه المواد محليًا.
دوافع القرار وأبعاده
القرار لا يعكس فقط مخاوف اقتصادية وتجارية، بل يمتد إلى الجوانب الاستراتيجية والجيوسياسية. الولايات المتحدة تمتلك منجمًا واحدًا فقط للمعادن النادرة، مما يضعها في موقف ضعف أمام دول كالصين، التي تهيمن على السوق العالمي لهذه المواد.
بكين تُدرك جيدًا أهمية هذه المعادن، وقد استخدمتها كورقة ضغط في النزاعات التجارية السابقة مع واشنطن. وبالتالي، فإن تحقيق الإدارة الأمريكية الجديد يعكس رغبة ملحة في تقليل الاعتماد على الصين، وتعزيز الاستقلالية في هذا القطاع المهم.
التأثيرات المحتملة
إذا قررت الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية على واردات المعادن الحرجة، فإن ذلك قد يؤدي إلى عدة نتائج:
- تعزيز الإنتاج المحلي: قد يشجع ذلك الشركات الأمريكية على الاستثمار في استخراج ومعالجة المعادن داخليًا.
- الضغط على الصين: قد يُضعف من قدرة بكين على استخدام المعادن كأداة ضغط سياسي.
- ارتفاع تكاليف الإنتاج: قد تواجه الصناعات الأمريكية، مثل صناعة السيارات الكهربائية والطاقة، ارتفاعًا في تكاليف الإنتاج بسبب زيادة أسعار المواد الخام.
هل تُحقق أمريكا الاكتفاء الذاتي؟
تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال المعادن الحرجة يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية والتكنولوجيا. كما أن تطوير سلاسل التوريد المحلية قد يستغرق سنوات، مما يعني أن الولايات المتحدة قد تكون مضطرة للتعامل مع المخاطر الحالية لفترة طويلة قبل تحقيق أهدافها.
