شهدت السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا من مستثمري دول الخليج بالاستثمار في القارة الإفريقية، حيث تتدفق رؤوس الأموال الخليجية إلى إفريقيا بحثًا عن صفقات مربحة وفرص استثمارية مميزة في مجالات الزراعة، والطاقة المتجددة، والمعادن المهمة. هذا التوجه يعكس استراتيجية خليجية تهدف إلى تنويع الاقتصادات بعيدًا عن الاعتماد على النفط وتعزيز الأمن الغذائي.
أسباب الاهتمام الخليجي بإفريقيا
أشار جورج أسانتي، رئيس قسم الأسواق الإفريقية في “سيتي جروب”، إلى أن المستثمرين الخليجيين يركزون على دول مثل كينيا لتعزيز الأمن الغذائي في منطقة الخليج، بالإضافة إلى جنوب إفريقيا التي تشهد صفقات في مجالات الصناعة والطاقة المتجددة. وتعد إفريقيا وجهةً جذابة بفضل وفرة الموارد الطبيعية، مثل المعادن المهمة للتحول إلى مصادر طاقة أنظف، والمساحات الزراعية الشاسعة التي تُعدّ أساسية لإنتاج الحبوب والمواد الغذائية.
ويعمل “سيتي جروب” في 15 دولة إفريقية، حيث يساهم في تسهيل التدفقات الاستثمارية من الشرق الأوسط ومناطق أخرى إلى القارة. كما ينضم المستثمرون الخليجيون إلى نظرائهم من الولايات المتحدة والصين في البحث عن الفرص الاستثمارية في ثاني أكبر قارة في العالم.
الاستثمارات الخليجية بالمليارات
بلغت قيمة الاستثمارات الخليجية في إفريقيا حوالي 53 مليار دولار خلال العام الماضي فقط، وفقًا لبيانات المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF)، مقارنةً باستثمارات بقيمة 100 مليار دولار خلال العقد الماضي. وتعمل العديد من الشركات الخليجية الكبرى على عقد صفقات بارزة، مثل مجموعة “الزاهد” السعودية التي تجري محادثات لشراء شركة “بارلوورلد” في جنوب إفريقيا. كما تتنافس شركتا “أرامكو” السعودية و”أدنوك” الإماراتية على شراء أصول شركة “شل” في قطاعات التكرير والتسويق والكيماويات.
فرص مربحة رغم التحديات
تشهد بعض الدول الإفريقية، مثل مصر ونيجيريا وأنغولا، انخفاضًا كبيرًا في قيم الأصول، مما يوفر فرصًا مربحة للمستثمرين. وأوضح أسانتي أن الاستثمارات الوافدة من الولايات المتحدة تشهد ارتفاعًا أيضًا، وخاصة في قطاع المعادن المهمة، حيث ساعدت الحكومة الأمريكية في تسهيل 400 صفقة بقيمة 32.5 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2024.
ومع ذلك، تواجه الاستثمارات في إفريقيا العديد من التحديات، مثل المخاطر السياسية والنزاعات المحلية. على سبيل المثال، يشكل الصراع في موزمبيق الغنية بالغاز مصدر قلق، إلى جانب احتجاز المديرين التنفيذيين الأجانب في دول مثل نيجيريا ومالي.
فجوة التمويل والتنويع المالي
تواجه إفريقيا فجوة تمويلية سنوية تبلغ 402 مليار دولار حتى عام 2030، وهي مبالغ ضرورية لتسريع التحول الهيكلي في القارة. ورغم التحديات، تعتبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة فرصةً للدول الإفريقية لتقليل اعتمادها على التمويل بالدولار وتنويع مصادر تمويلها. كما بدأت العديد من الدول الإفريقية، مثل الكاميرون وكينيا وساحل العاج، في دخول أسواق السندات الدولية بحذر لتجنب أزمات الديون المتكررة.