شهدت الأسواق المالية الصينية تطوراً لافتاً خلال الأسبوع الماضي، حيث سجلت الصناديق المتداولة في البورصة تدفقات قياسية بلغت حوالي 24 مليار دولار، متجاوزة الرقم القياسي السابق البالغ 23 مليار دولار، والمسجل في أكتوبر الماضي. تأتي هذه التدفقات في وقت حساس، حيث تواجه الصين تصعيداً في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، بما في ذلك وابل من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
استجابة حكومية سريعة
برزت التدفقات الكبيرة كاستجابة مباشرة من السلطات الصينية للتحديات التي فرضتها الحرب التجارية. وقد لعبت الكيانات المدعومة من الدولة، أو ما يُعرف بـ”الفريق الوطني”، دوراً محورياً في دعم السوق. وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ، فإن غالبية عمليات الشراء تركزت في صناديق مفضلة من قبل هذه الكيانات، في محاولة لتثبيت الأسواق بعد تراجع حاد في أسعار الأسهم.
وأعلن بنك الشعب الصيني الأسبوع الماضي عن توفير سيولة كبيرة لصندوق “سنترال هويجين انفستمنت” (Central Huijin Investment)، الذي وصف نفسه بأنه “صندوق بث الاستقرار بالأسهم”. هذا التدخل المباشر ساعد الأسواق على التعافي، حيث ارتفع مؤشر “سي إس آي 300” للجلسة الخامسة على التوالي، بعد أن انخفض بنسبة 7.1% الأسبوع الماضي.
الأسواق الصينية… ساحة معركة الحرب التجارية
تعتبر الأسواق المالية، وخاصة أسواق الأسهم، أولى ساحات المعارك الحقيقية في حرب الرسوم الجمركية. ووفقاً لـ”لو تينغ”، كبير خبراء الاقتصاد بشؤون الصين في شركة “نومورا إنترناشونال”، فإن صناديق الاستقرار المدعومة من بنك الشعب الصيني ستلعب دوراً محورياً في مواجهة تداعيات الحرب التجارية خلال الأسابيع المقبلة.
ورغم تراجع أسعار الأسهم نتيجة الضغوط الاقتصادية، استغل بعض المستثمرين الأفراد الفرصة للدخول إلى السوق. من بين الصناديق التي جذبت تدفقات كبيرة الأسبوع الماضي، كان هناك صناديق مثل “فولغول سي إس آي هونغ كونغ كونكت إنترنت”، التي لم تكن سابقاً ضمن المستفيدين من عمليات شراء مدعومة من الحكومة. هذا يشير إلى دخول أموال جديدة من الأفراد، إضافة إلى الأموال الحكومية.
استثناءات على الرسوم تدعم أسهم التكنولوجيا
في تطور إيجابي، ساهم قرار تجميد الرسوم الجمركية على مجموعة من الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، بما في ذلك الهواتف الذكية، في تهدئة الأسواق. هذا القرار أدى إلى تمديد سلسلة مكاسب مؤشر “سي إس آي 300”، رغم أن المؤشر القياسي لم يعوض حتى الآن الخسائر التي تكبدها خلال الانهيار الأخير.
توقعات بمزيد من التدخل الحكومي
تشير التقديرات إلى أن مشتريات الصناديق المدعومة من الدولة قد تتجاوز الرقم القياسي المسجل في عام 2024، والذي بلغ أكثر من 100 مليار دولار. وكتب محللو “بلومبرغ إنتليجنس”، ريبيكا سين وإريك بالتشوناس، في مذكرة: “في ظل التداعيات المستمرة لوابل الرسوم الجمركية، قد يكون عام 2025 عاماً قياسياً من حيث أصول الصناديق المتداولة المدارة في الصين، بفضل الدعم المتواصل من صناديق الاستثمار المدعومة من الدولة”.
