في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية المستمرة، يبدو أن الدولار الأمريكي يواجه تحديات غير مسبوقة، حيث أصبح المضاربون أكثر ميلاً للمراهنة على هبوط قيمته مقارنة بأي وقت مضى منذ سبتمبر الماضي. يأتي هذا التوجه نتيجة مخاوف متزايدة بشأن الأصول الأمريكية، رغم التحسن النسبي الذي شهدته أسواق الأسهم مؤخرًا.
رهانات الهبوط: أرقام قياسية
أظهرت بيانات صادرة عن لجنة تداول العقود المستقبلية للسلع أن صناديق التحوط ومديري الأصول وغيرهم من المضاربين زادوا رهاناتهم على تراجع الدولار الأمريكي خلال الأسبوع المنتهي في 29 أبريل الماضي. وتشير التقديرات إلى أن هؤلاء المتداولين يحتفظون بمراكز مالية تُقدر بنحو 17 مليار دولار أمريكي على أساس توقعات ضعف الدولار. وفي الوقت ذاته، تراجع مؤشر “بلومبرغ للدولار الفوري” بنسبة 0.4%، ليواصل مساره الهابط للأسبوع الرابع خلال الأسابيع الخمسة الماضية.
سياسات ترامب وتأثيرها
يُعزى جزء كبير من هذه المراهنات إلى السياسات التجارية التي انتهجها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حيث تسببت هذه السياسات في صدمات واسعة للأسواق المالية وأضعفت مكانة الدولار كملاذ آمن. ورغم وجود إشارات إيجابية من الأسواق، مثل التعافي الاقتصادي وإبرام اتفاقيات تجارية جديدة، إلا أن الاتجاه العام نحو بيع الأصول الأمريكية لا يزال قائمًا، مما أدى إلى تراجع مؤشر الدولار بأكثر من 6% منذ بداية العام.
قرار الفيدرالي تحت المجهر
يترقب المتداولون قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة في 7 مايو الحالي، حيث تعكس عقود الخيارات توقعات بمزيد من الخسائر في قيمة الدولار على المدى القريب. المثير للاهتمام أن الطلب على عقود خيارات البيع التي تراهن على ضعف الدولار يفوق بكثير الطلب على عقود خيارات الشراء التي تشير إلى ارتفاعه، مما يعكس حالة من التشاؤم بين المستثمرين.
العملات البديلة تكتسب زخمًا
في المقابل، شهدت العملات الأخرى، مثل الدولار الأسترالي والنيوزيلندي، أداءً قويًا خلال الأيام الأخيرة. ويأتي ذلك بعد أن أظهرت الصين انفتاحًا على إجراء محادثات تجارية مع الولايات المتحدة، مما زاد من التفاؤل في الأسواق. وبحسب أروب تشاتيرجي، المدير الإداري لاستراتيجيات الاقتصاد الكلي في بنك “ويلز فارغو”، فإن السوق بدأت تتخلص من المراكز الشرائية للدولار مقابل عملات آسيا، في إشارة إلى تحول الاستثمارات نحو أسواق بديلة.
